اللغة العربية في العصر الحاضر

واقع اللغة العربية في العالم العربي والإسلامي
بعد قرون من الضعف والانحطاط التي أعقبت أفول الحضارة الإسلامية تجدَّدت في العالم العربي خلال القرن الماضي نهضة ثقافية أدبية، وظهر كثير من الشعراء والأدباء وعلماء اللغة الذي جدَّدوا الدماء وأعادوا الحيوية للغة العربية؛ فيما اهتمت الدول العربية اهتماما كبيرا باللغة العربية من منطلق عروبي قومي أو من منطلق إسلامي، واعتمدت اللغة العربية لغة رسمية في الدساتير، ووضعت الحكومات على أساسها العديد من القوانين والأنظمة التي ترفع مكانة اللغة العربية وتعزّز وجودها وتحمي كيانها. ومع انتشار حركة التعليم وانحسار الأمية نشأ جيل متعلم درس قواعد اللغة العربية وأصولها، وتذوق فنونها وآدابها، وأعِدَّت مناهج متخصصة لتدريس اللغة العربية، وأنشئت عشرات الكليات الجامعية المتخصصة في دراسات اللغة العربية تخرج فيها آلاف المتخصصين والباحثين، وألفت وأجريت فيها آلاف الدراسات والبحوث اللغوية والفريدة. وبدورها قدمت مجامع اللغة العربية والعديد من المؤسسات المختصة خدمات جليلة عززت مكانة اللغة في المجتمع، ودافعت عنها أمام الهجمات المغرضة والمحاولات المتكررة لتنحيتها وإضعافها. ومن آخر المؤسسات التي أنشئت لخدمة اللغة العربية المجلس الدولي للغة العربية الذي أنشئ عام ٢٠٠٧ م، وهو مؤسسة أهلية دولية مستقلة بدعم وزراء التربية والتعليم العالي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.

عدد المتحدثين باللغة العربية ومركزها العالمي بين اللغات
يبلغ عدد المتكلمين باللغة العربية حسب الإحصائيات العالمية ٤٢٢ مليون تقريبا، وهم في ازدياد نتيجة النمو السكاني المضطرد في العالم العربي، إضافة إلى أن المسلمين الذين يشكلون الديانة الثانية في العالم ويتجاوز عددهم ١.٦٢ مليار نسمة؛ كلهم يتحدثون ويقرؤون شيئا من العربية في تلاوتهم وعبادتهم؛ ولذلك فإن العربية تأتي في المرتبة الرابعة بين مئات اللغات في العالم. وتشير دراسات عديدة إلى أن عدد الناطقين باللغة العربية سيزداد؛ لتصبح اللغة الثالثة بعد الصينية والهندية بحلول ٢٠٥٠م.

الانتشار العالمي للغة العربية ومناطق الانتشار
ارتفع عدد الطلاب الدارسين للغة العربية في الولايات المتحدة من سنة ٢٠٠٢ حتى سنة ٢٠٠٦ بنسبة ١٢٦.٥%؛ ليصل إلى ٢٣٩٧٤ طالبا، وهي اللغة العاشرة الأكثر طلباً في المستوى الجامعي. فضلاً عن ذلك، فهي اللغة الرابعة أو الثانية الأكثر طلباً في المملكة المتحدة وفقاً لتقرير رسمي نشره المجلس الثقافي البريطاني. وهي اللغة الثالثة الأكثر انتشاراً في الأرجنتين، فوفقاً لبعض الإحصائيات يتحدث حوالي مليون شخص العربية؛ جميعهم من أصول عربية. وفي بلجيكا تحتل اللغة العربية المركز الرابع في بروكسل من حيث عدد المتحدثين. أما في فرنسا والسويد فهي اللغة الأم الأجنبية الأولى الأكثر انتشاراً، وذلك نتيجة الهجرة واللجوء. وفي فنلندا أصبحت اللغة العربية في المرتبة الثالثة من حيث الناطقون بها كلغة أم. وفي تركيا تتبوّأ اللغة العربية المركز الثاني من حيث اللغات الأم الأجنبية الأكثر انتشاراً. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة حديثة مُفاجِئة أن العربية هي اللغة الأجنبية الثانية الأكثر انتشاراً في أستراليا. كما تحظى اللغة العربية بشعبية واسعة في كوريا الجنوبية، حيث إن نسبة اختيارها كلغة ثانية هو ٧٠%، أي أن سبعة طلاب من كل عشرة يختارونها في امتحانات «السونيونغ» الكورية. علاوةً على ذلك، تحظى اللغة العربية بمرتبة خاصة في الفلبين (إلى جانب اللغة الإسبانية)، وذلك بالإضافة إلى كل من باكستان وبنغلاديش والنيجر ومالي والسنغال.

اللغة العربية في أروقة الأمم المتحدة
بدأ العمل باللغة العربية بناءً على قرار الجمعية العامة رقم٨٧٨في دورتها التاسعة المؤرخ في ٤ كانون الأول / ديسمبر ١٩٥٤م، باعتبارها لغة عمل عام ١٩٥٥م، وكان عنوان القرار هو «ترجمة بعض الوثائق الرسمية للجمعية العامة إلى اللغة العربية وفقا للمادة ٥٩ من النظام الداخلي للجمعية العامة».
وفي عام ١٩٦٠م اتخذت اليونسكو قراراً يقضي باستخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
وفي ١٨ كانون الأول / ديسمبر١٩٧٣م، اعتُمدت اللغة العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها ٣١٩٠ في دورتها الثامنة والعشرين؛ لتكون بذلك إحدى اللغات الرسمية الست في الجمعية العامة والهيئات الفرعية التابعة لها، واللغات الست هي: العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية. ولذلك تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من شهر كانون الأول / ديسمبر من كل عام.
وفي ١كانون الثاني / يناير ١٩٨٣م، أصبحت اللغة العربية لغة رسمية في مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بناء على قرار الجمعية العامة ٢١٩ في دورتها ٣٥ المؤرخة ١٧ كانون الأول / ديسمبر ١٩٨٠م.

الحضور العالمي للغة العربية في التقنية والإعلام
في منتصف سنة ٢٠١٠م أشارت مصادر إلى تقرير مختص يذكر أن اللغة العربية حققت نموًا مرتفعًا بوجودها ضمن قائمة لأكثر عشر لغات استعمالاً في الإنترنت؛ حيث حلّت في المرتبة السابعة محققةً نسبة انتشار وصلت إلى ١٧.٥%، ومتفوقة على لغات حية أخرى من بينها الفرنسية. ووفقًا لإحصائية نشرت في مارس٢٠١٧ حلّت اللغة العربية في المرتبة الرابعة من حيث عدد مستخدمي اللغة على الإنترنت بواقع ١٧٣.٥مليون مستخدم. في ٣١ مارس ٢٠٢٠م حلّت اللغة العربية في المرتبة الرابعة محققًا ناطقوها نسبة انتشار في الإنترنت تقدر بحوالي ٥.٢%.

بتصرف واختصار من مقال: اللغة العربية، المنشور بموقع الموسوعة العالمية الحرة "ويكيبيديا"، الرابط الإلكتروني:
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

بتصرف واختصار من مقال صالح أحمد العمودي بعنوان: اللغة العربية.. واقعها وآفاقها، المنشور بموقع اللغة العربية صاحبة الجلالة، الرابط الإلكتروني:
https://www.arabiclanguageic.org/view_page.php?id=8030