خصائص اللغة العربية

العربية.. لغة خالدة
كانت اللغة العربية ومازالت جوهر الهوية الثقافية، فهي أولاً لغة القرآن الكريم، وهي ثانياً لغة ثرية في محتواها، ثمينة بقدر مفرداتها على التعبير عن الحياة في أدق تفاصيلها وعن العلوم في أدق مكنوناتها.
وقد حافظت اللغة العربية على استمرار أمة عربية، لها امتداد جغرافي واحد وتاريخ مشترك واحد، وتطلعات مستقبلية واحدة؛ ولهذا فالأمم التي لم تكن تملك وحدة اللغة تفتت وانهارت؛ لأن العقل كان فيها منقسماً على ذاته، والفكر فيها مغترباً عن واقعه.
اللغة العربية نسبية غير مطلقة، منفتحة غير جامدة؛ ومن ثم كتب لها الاستمرار والدوام، فاللغة كائن نامٍ في حالة من النمو والازدهار، وهي مرتبطة بتطور الحضارة، وهي أداة التفكير وقوامه، فلا تفكير بغير لغة؛ ما يستلزم أن تكون اللغة قادرة على التعامل والنقل والاحتواء لمفردات عصرها ومعانيها.

موقع اللغة العربية عالمياً
لم تكن اللغة العربية ذات شأن في المحيط الدولي باستثناء موقعها في المجتمعات الإسلامية بوصفها لغة العقيدة، أما الآن فقد أخذت اللغة العربية مكانتها بين لغات العالم المعاصر، واعترف بها لغة رسمية تستخدم في الهيئة العامة للأمم المتحدة وفي منظماتها.
والظاهرة التي لا يخطئ إنسان في ملاحظتها عندما نتحدث عن تعليم اللغات الأجنبية في المجتمع العالمي المعاصر هي إحساس هذا المجتمع بجدارة اللغة العربية في أن تُعلَّم، واستعداده لبذل الجهد وتقديم الإمكانات لتعليمها، وتستمد اللغة العربية هذه الجدارة لأن تُعلَّم من خلال عدة مصادر، يمثل كل منها حافزاً لتعلم هذه اللغة ودافعاً لتعليمها.
إن اللغة العربية جديرة بأن تُعلم لما لها من مكانة دينية فريدة تتميز بها، ولما لها من أهمية استراتيجية بالنسبة إلى عدد الناطقين بها سواء في العالم العربي أو الإسلامي، كذلك جديرة بأن تعلم لما تحمله للإنسانية من تراث ثقافي كبير. إن من الثابت تاريخياً وحضارياً أن اللغة العربية قد حملت أمانة نقل علوم اليونان وفلسفتها إلى العالم أجمع في عصوره الوسطى وفي أكثر سنواته ظلاماً.
ولقد تزايد الاهتمام باللغة العربية في المجتمعات الغربية، إذ أوضحت دراسة أميركية أن الإقبال على تعلم اللغة العربية في المعاهد والجامعات الأميركية شهد ارتفاعاً ملحوظاً حيث بلغت نسبة ٤٦ ٪ عام ٢٠١٠م مقارنة مع عام ٢٠٠٦م.
كما تعد دراسة اللغة العربية بوابة نحو المستقبل في بلد بعيد مثل كوريا الجنوبية التي تُدرّس العربية في أربع جامعات كبرى فيها، وتزايد اهتمام الكوريين باللغة العربية لاهتمامهم بالثقافة العربية؛ ولأنها لغة جميلة مميزة تكسب دارسها تميزاً.
خصائص لغوية:
تتمثل الخصائص العامة للغة العربية فيما يأتي:
* اللغة العربية لغة اشتقاق: ظاهرة الاشتقاق أكثر وضوحاً في العربية. والاشتقاق معناه أن للكلمة ثلاثة أصول، وأنها تتمثل في عائلة من الكلمات بعضها أفعال، وبعضها أسماء، وبعضها صفات. ومن هذا الجذر نستطيع بناء عدد كبير من الكلمات.
* اللغة العربية لغة صيغ: بناء الصيغ مع الاشتقاق أساسان لتوليد المفردات وإثراء اللغة.. ويقصد ببناء الصيغ أنه يمكن تشكيل قدر كبير من الصيغ من أصل واحد.
* اللغة العربية لغة تصريف: ففي العربية قد يتغير حرف بحرف آخر كان يترتب عليه الثقل. فكلمة «ميزان» كان حقها أن تكون «موازن» فتغيرت وصارت «ميزان» تجنباً للثقل.
* اللغة العربية لغة إعراب: الإعراب أساس المعنى. ويقصد بالإعراب أن للغة قواعد في ترتيب الكلمات وتحديد وظائفها وضبط أواخرها. وهذا ما يساعد على دقة الفهم.
* اللغة العربية لغة متنوعة في أساليب الجمل: إن العربية ذات أنماط مختلفة للجملة. فهناك الجملة الاسمية والجملة الفعلية، وهناك الجملة الخبرية والجملة الإنشائية، وهناك الجملة الاستفهامية والجملة الدعائية… وغير ذلك من أنماط الجمل التي تتميز بها العربية بسعتها.
* اللغة العربية لغة غنية في التعبير: يقصد بذلك تزايد مترادفاتها كما يقصد به أن حرية الرتبة أعطت اللغة غنى في التعبير، فمن الممكن تقديم الخبر والمفعول به… إلخ.
* اللغة العربية لغة غنية بوسائل التعبير عن الأزمنة النحوية: إن الزمن يمكن التعبير عنه بأكثر من طريقة، فمن الممكن استعمال النواسخ الفعلية مع الأفعال، وكذلك بعض الحروف الخاصة بتغيرات الزمن.
خاتمة:
لقد أمد القرآن الكريم اللغة العربية بقوة خاصة، وجعل لها مكانة متميزة في قلوب كل المسلمين، لذا هناك قدرات مالية كبرى في العالم الإسلامي يمكن تسخير جزء منها لتمويل مشروعات لإعادة مكانة اللغة العربية في مختلف مظاهر الحياة اليومية للإنسان، وبذلك تعود هوية الأمة، ومن ثم لا يستطيع أن ينال منها أي شخص يشعر بالدونية أو غريب يريد طمس هوية أمتنا.

باختصار من مقال د. محمد محمود العطار بعنوان: خصائص اللغة العربية ومشكلاتها، المنشور بموقع مجلة الحرس الوطني بتاريخ 17/02/2021، الرابط الإلكتروني: